• الأقسام

  • نفائس الثمرات – زحزح نفسك عن النار

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين و ثلاثمائة مفصل فمن كبر الله و حمد الله و هلل الله و سبح الله و استغفر الله و عزل حجرا عن طريق الناس أو شوكة أو عظما عن طريق الناس و أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين و الثلاثمائة السلامى فإنه يمسي يومئذ و قد زحزح نفسه عن النار".
  • مفهوم السعادة – الأستاذ أحمد القصص

  • روابط مفيدة

  • الأرشيف

كُنّا وصِرنا (١)

سلسة من المقالات على شكل حلقات أسبوعية بعنوان “كنا وصرنا” وهي وقفات وصور لدولة الخلافة ورجالها الابرار في شتى مجالات الحياة لنقارنها بواقعنا المتردي اليوم لنضعكم على طريق العزة والمنعة والرفعة سائلين الله تعالى ان يُبصّرنا سبيل الرشاد وان يتقبل منا الاعمال والخواتيم انه سميع مجيب الدعاء.

كُنّا وصِرنا (١)

كنا سادة الأرض حماة الدين حراس العقيدة
كنا النور الذي أضاء ظلمات الكفر وبدد ظلمته
كنا بعقيدتنا تخرُّ لنا الجبابرة والملوك
كنا إذا نزلنا بساحة قوم ساء صباح المنذرين
كنا إذا التقت السيوف مبارزةً تسمع لها صليل وترى قدح نارِ
كنا غزاة أهل حق لم نوالي من كفر
يَرْووْنَ أنَّ جُدُودَنا كَانُوا فَخَاراً للبِشَرْ
كُانُوا غُزَاةً أهلَ حَقٍّ لم يُوَالوا مَنْ كَفَرْ
سَادُوا بِعِزَّةَ دِيْنِنَا ، نُورٌ تَمَدَّدَ وَانتَشَرْ
مَجْدٌ أَضَاءَ الأَرْضَ فَانْشَرَحَتْ بِأضَواءِ القَمَرْ
وَالشَّمْسُ تَحْمِلُ دِفأَهُ عِنْدَ الغُرُوبِ وَفِيْ السَّحَرْ
تُلقِيْ مَدَارَ اليَوْمِ آياتٍ بِهَا الكُفْرُ انْحَسَرْ
أخواني الكرام:
لما كان يحكمنا خليفة واحد بدولة واحدة يطبق علينا حكم الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم سدنا الدنيا وما فيها ولم تبقِ الأرض شيئاً
من خيراتها إلا وأخرجته ولم تبقِ السماء شيئاً من خيراتها إلا وأنزلته .
قال هرقل وهو على أنطاكية لما قدمت منهزمة الروم: ويلكم أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم، أليسوا بشراً مثلكم؟ قالوا: بلى، قال:
فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن منهم أضعافاً في كل موطن، قال: فما بالكم تهزمون؟ فقال شيخ من حكمائهم: من أجل أنهم يقومون
الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويتناصفون بينهم، ومن أجل أننا نشرب الخمر ونزني ونركب الحرام
وننقض العهد ونغضب ونظلم ونأمر بالسخط وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض. فقال هرقل: لئن كنت قد صدقتني ليرثن ما تحت
قدمي هاتين!
يَرْوُوْنَ أَنَّ جُيُوْشَنَا دَحَرَتْ هِرَقْلَ إِلىْ المَفَرّْ
أَنَّا انْتَصَرْنا فِيْ الحُرُوْبِ عَلىَ الفِرَنْجَةِ وَالتَّتَرْ
وَبِأَنَّنَا الجَيْشُ الذِيْ سَبَقَ المَسَافَةَ وَالأَثَرْ
وَخُيُوْلُنَا تَغْدُوْ وَتَعْدُوْ فِيْ الوَغَىْ كَرّاً وَفَرّْ
قَدَحَتْ سَنَابِكُهَا عَلىْ صَخْرِ الجَهَالَةِ بِالشَّرَرْ
فَأَضَاءَتِ الأَمْصَارُ نُوْراً كَالصَّبَاحِ إِذَا انْفَجَرْ
وَالبَرُّ تَحْفَظُهُ العَسَاكِرُ وَالثُّغُوْرُ لَهُمْ مَقَرّْ
وَالبَحْرُ تَحْمِيْهِ الأَسَاطِيْلُ العَظِيْمَةُ وَالخَفَرْ
فِيْ الشَّرْقِ أَوْ فِيْ الغَرْبِ سَارَتْ حَيْثُمَا حَطَّ البَصَرْ
حَتَّى بَلَغْنَا الشَّرْقَ وَالشَّعْبَ الذِّيْ عَبَدَ البَقَرْ
وَالصِّيْنُ تُرْسِلُ لِلأَمِيْرِ تُرَابَها حَتَّىْ يَبَرّْ
وَجُنُوْدُنا غَرْباً عَلىْ أَسْوَارِ فِيْنا كَالزُّمَرْ
وَحَوَاضِرُ الوَادِيْ الكَبِيْرِ شُهُوْدُ تَصْدِيْقِ الخَبَرْ
كان أجدادنا متفوقين في شتى مجالات الحياة، وكان لنا السبق في كل جديد، فمن رعاية الرعية الى رعاية البهائم والدواب, وإن سألت عن ذلك،
ستشير إليها تلك الناقة الدبرة التي كان عمر رضي الله عنه يدخل يده في دبرها لعلاجها وهو يقول: إني لأخشى الله أن يسألني عن هذه.
حاولت أن أجول ببصري لأبحث عن البغلة التي قال عنها رضي الله عنه: والله لو عثرت بغلة على شط الفرات لخشيت أن يسألني الله عنها، لِمَ لَمْ تسوِ لها الطريق يا عمر؟؟ فلم أجدها قد عثرت بل كانت تنعم آمنة في مرعى خصيب.
وَأَمِيْرُنَا المُْختَارُ يَفْتَرِشُ الثَّرَىْ تَحْتَ الشَّجَرْ
يَرْعَىْ الرَّعِيَّةَ مُخْلِصاً لا كِبْرِياءَ وَلا بَطَرْ
وَيُوَزِّعُ الأَفْياءَ عَدْلاً وَالعَطَايا وَالثَّمَرْ
مَا خَاضَ فِيْ مَالِ الغَنَائِمِ وَالزَّكَاةِ وَمَا عَشَرْ
وَيَقُوْلُ لَوْ شَاةٌ تَرَدَّتْ أَوْ إِذَا بَغْلٌ عَثَرْ
شَخلَِيْتُ أُسْأَلُ: كَيْفَ تَتْرُكُهَا فَتَعْثَرَ يَا عُمَرْ؟
ولما ذهبت الى العراق لأبصر حاله لم أجد جيّاعاً ولا أحزاناً، بل رأيت المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يكسوها بعدله في الكوفة, واليوم يسيل
الدم فيها انهارا بل ووصل فيها الحال ان بال اعداء الله على القرآن وقبّلت حرائر المسلمين أيادي الامريكان متوسلة ذليلة تستجدي عطفهم
ورحمتهم . عدت بطرفي الى الأقصى فرأيته أشمخ ما يكون ولم يمضِ على فتحه سوى سنوات يسيرة ولم يزل وشاح العزِّ يلوح عليه من بعيد،
وأهله من حوله في سرورٍ, أما إن سألت عن يهود فلا أثر ولا عين, واليوم تقف جندية روسية لم تبلغ العشرين من عمرها تتحكم في رقاب الالاف
منكم ايها الناس فمن راق لها وجهه ادخلته ومن لم يعجبها وجهه اعادته.
وأما أهل النفاق والإلحاد ومثيري الشبهات فلم يطمعوا برفع رؤوسهم بعد أن اخذوا الدرس والعبرة من درة عمر التي عملت عملها في ظهر
الأصيبيغ فكان لهم فيه عبرة، فلم يتطاولوا على دين الله فباب الفتنة لم يكسر بعد.
وبعد ان توفي عمر رضي الله عنه قيل للأصيبيغ : قد مات من خفت منه وضربك لإثارتك الفتنة، فقم واخرج، فقال الأصيبيغ بعد أن وضع يده
على ظهره متذكراً حاله في السابق: لا علمني الرجل الصالح.
حاولت أن أنهي هذا الحلم الجميل فتزاحمت أمام ناظري صور عديدة اليوم عن حالنا المتردي: من هدم لدولة الخلافة الإسلامية وتهافت علماؤنا
وركوعهم تحت نعال حكامنا والتصاق الناس الى الدنيا الزائلة وتدنيس الأقصى ووحشية يهود والى جياع العراق وضحايا الاضطهاد في كشمير
والشيشان وفلسطين وافغانستان فلا سيف للإسلام ولا عزة.
أما قاصمة الظهر وثالثة الأثافي فهي عدم العمل لإقامة دولة الخلافة التي تغير حالنا هذا كلياً الى العز والمجد, فكثير من الناس مازال نائماً,
يفكرون في بناء بيت او تزويج ابنائه او شراء سيارة وان اراد العمل للامة الاسلامية فأكثر ما يقوم به الحج او بناء مسجد!!
وتساءلت أخيراً: أما لهذا الليل من آخر؟؟؟
لم أستمر طويلاً في هذا التساؤل فسمعت صوتاً من أعماقي يهزني ويذكرني بوعد الله : « وَعَدَ ا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّا اِحلَتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .«
ولكن التمكين لهذا الدين لا يتحقق بالمعجزات السحرية والأماني الباطلة والتباكي على ما مضى فما بقي الاسلام بعد محمد صلى الله عليه
وسلم الا بثلاثة أمور:
أولاً: بتوفيق الله عزَّ وجلّ
ثانياً : بصحابة كرام ورثوا هذا الدين عنه وفهموه كما فهمه صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً : ودولةٌ طبقت قرآن الله وسنة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم حملت لنا الاسلام كعقيدة ونظام وفكرة وطريقة.
فانفض عنك أخي المسلم غبار اليأس وثق بأنك إن كنت مع الله كان الله معك.
واخلع عنك رداء الأنانية وأعلم أن مصلحتك الحقيقية هي التضحية في سبيل الله .
ما عندكم ينفذ وما عند الله باق.
وأنبذ كل تبعية لأي فكر غير الفكر الإسلامي وتحدَ أفكار الكفر ولا تسكت
وضع يديك بيد الفئة العاملة المؤمنة المخلصة لإعزاز هذا الدين فالعمل الفردي لا ينتج، قال صلى الله عليه وسلم : لا يأكل الذئب إلا من الغنم
القاصية.
رَبَّاهُ مَا كَانَ اعْتِراضاً أَوْ جُحُوداً بِالقَدَرْ
لَكِنَّها أَصْداءُ قَلْبٍ فَاضَ شَوْقاً فَانْفَجَرْ
مَا زَالَ يَنْبِضُ بِاليَقِيْنِ وَبِالحَقِيْقَةِ قَدْ أَقَرّْ
هِيَ سُنَّةٌ أَيْقَنْتُها ، لِلدَّهْرِ يَا قَلبِيْ غِيَرْ

وَغَداً سَنَعْلَمُ مَا مَذَاقُ النَّصْرِ ، مَا طَعْمُ الظَّفَرْ
سَنُعِيْدُ أَلوَانَ السَّعَادَةِ مِثْلَما الصُّبْحُ انْفَطَرْ
وَنُجَدِّدُ الدُّنْيا كَمَا كَانَتْ بِأَنْغَامِ السَّحَرْ
وَنَرُدُّ لِلكَوْنِ المُلَوَّثِ صَفْوُهُ بَعْدَ الكَدَرْ
فَتَفِيْضُ بِالخَيْرِ السَّمَاءُ وَبِالبِشَارَةِ وَالمَطَرْ
هَذَا جَزَاءُ العَامِليْنَ بِهِ يُكَلَّلُ مَنْ صَبَرْ
وَعَطَاءُ رَبِّ العَالمَ هِيَ الجِنَانُ ِملَنْ شَكَرْ
وَقُلْ اعْمَلُوْا وَتَيَقْنُوْا .. فَلَسَوْفَ يَحْصِدُ مَنْ بَذَرْ

الكاتب: تراب

أضف تعليق